السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دليلك عن الدهون الثلاثية في الجسم والغذاء
تقول رابطة القلب الأميركية إن الهيئة الكيميائية الأكثر وجوداً للمركبات الدهنية ، في الجسم وفي الطعام ،
هي الدهون الثلاثية Triglycerides، أو ما تُترجم أحيانا بـ«الغلريسليد الثُلاثي ».
وتضيف أنه في الجسم، على وجه الخصوص، إما أن تكون تلك الدهون الثلاثية في هيئة حرة ،
تسبح في الدم منفردة ضمن تشكيل محتويات « الناقلات البروتينية الدهنية »
الحاملة على متنها مركب الكولسترول ومركب الدهون الثلاثية بنسب متفاوتة ،
وإما ان تكون حبيسة التراكم في خلايا الأنسجة الشحمية fat tissue وغيرها .
وبهذا تمهد الرابطة في عرضها لأهمية الدهون الثلاثية ،
طرح الإشكاليات الأهم في شأن تلك النوعية من الدهون وهي : --
ـ أن ما يُوجد في دم الإنسان ، أو أنسجة جسمه، من دهون ثلاثية ليس مصدره ما نتناوله من الشحوم ؛
أو الزيوت ضمن وجبات طعامنا فحسب ، بل ثمة مصدر آخر ومهم لتكوّن دهون ثلاثية بالجسم ،
وهو قيام الجسم بصناعة تلك الدهون الثلاثية من مصادر أخرى للطاقة، مثل المواد الكربوهيدراتية .
ـ حينما يتناول أحدنا وجبة من الطعام ، ولا يتمكن جسمه من الاستهلاك المباشر لكل ما فيها من مصادر للطاقة ،
أي من الكربوهيدرات أو البروتينات أو الدهون ، فإن الجسم سيلجأ لا محالة إلى تحويل كميات منها إلى دهون ثلاثية .
والأصل أن تحصل هذه العملية بشكل طبيعي في الجسم، كي يتم خزن كمية معتدلة من الطاقة ،
على هيئة دهون ثلاثية في خلايا الأنسجة الشحمية، لاستخدامها في الفترات التي يتناول الإنسان فيها الطعام .
ـ ثمة هرمونات تُنظم عملية استخراج الدهون الثلاثية من مستودعات خزنها في الأنسجة الشحمية ،
وبالتالي توفير وقود لإنتاج خلايا الجسم للطاقة التي تحتاجها في عملها .
ـ حالة ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم ، عامل مستقل في التسبب بأمراض شرايين القلب والدماغ وغيرهما .
ـ هناك حالات مرضية مستقلة يصحبها ارتفاع في نسبة الدهون الثلاثية في الدم .
وبهذه العناصر الخمسة، تحصل مشاكل الدهون الثلاثية في الجسم ، وتحصل أيضاً تداعيات تلك المشاكل .
والمرحلة الحاسمة في قصة الدهون الثلاثية هي أن زيادة تناول طاقة الطعام ،
سيُؤدي إلى زيادة تكوين الدهون الثلاثية . وبالتالي إما أن تُستهلك ويتخلص الجسم منها ،
أو تتراكم لتترسب في الأنسجة الشحمية، لتبدأ مشاكلها .
ارتفاع الدهون الثلاثية ؛؛؛
وما تُؤكده المصادر الطبية في نشراتها الحديثة، أن ارتفاع الدهون الثلاثية عامل مستقل ؛
في التسبب بمرض تصلب الشرايين ، أي مثل ارتفاع ضغط الدم وغيره .
وهو ما يعني أن ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم دليل على احتمال الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ ،
وخاصة عند تدني نسبة الكولسترول الثقيل .
وغالباً ما يُصاحب وجود بعض عوامل خطورة ارتفاع الإصابة بأمراض الشرايين ،
وجود ارتفاع في نسبة الدهون الثلاثية ، مثل السمنة ومتلازمة الأيض metabolic syndrome ،
أو ما تسمى بمتلازمة التمثيل الغذائي . وهي المتلازمة المرضية المتميزة بوجود سمنة البطن ،
وارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع نسبة الدهون الثلاثية ، واضطرابات نسب أنواع الكولسترول في الدم ،
وزيادة مقاومة أنسجة الجسم للاستجابة لمفعول الأنسولين ،
وبالتالي ارتفاع نسبة سكر الدم مع ارتفاع نسبة هرمون الأنسولين .
كما قد ينجم ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم ، عن عدم انضباط نسبة سكر الدم لدى مرضى السكري ،
أو في حال وجود تدن في معدل إفراز هرمون الغدة الدرقية hypothyroidism ،
أو عند الإصابة بأمراض مزمنة تتأثر فيها وظائف الكبد أو الكلى .
وكذلك قد يُؤدي تناول أدوية معينة إلى ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم .
وهناك حالات وراثية نادرة يصحبها الارتفاع ذاك، إلا أن تناول الكحول ،
يظل أحد الأسباب الرئيسية في شأن ارتفاع الدهون الثلاثية .
الدهون الثلاثية والكولسترول ؛؛؛
الدهون الثلاثية شيء مختلف تماماً عن الكولسترول ، من ناحية التركيب الكيميائي ومن ناحية الوظيفة في الجسم .
ومما يطول شرحه تفصيل الاختلاف الجذري في ما بين تركيب الدهون الثلاثية ،
والمكون من ارتباط ثلاثة أحماض شحمية مع مركب الغليسرين ، وبين تركيب الكولسترول .
إلا أن الجانب المهم يتعلق بأمرين: الأول ، هو اختلاف الدور الفعلي لكل منهما في الجسم .
واستفادة الجسم من الدهون الثلاثية مُركزة في إنتاج الطاقة . بينما يستفاد من الكولسترول ،
كمادة شمعية ، في بناء جدران الخلايا الحية ، وفي إنتاج الهرمونات الجنسية وغيرها ،
وفي تراكيب أجزاء مهمة من الجهاز العصبي ، أي أن الكولسترول لا يحرقه الجسم ولا يستخدمه في إنتاج الطاقة .
لكن ما يجمع الكولسترول مع الدهون الثلاثية هو أحد خصائصها الفيزيائية ، وهو عدم قدرتهما على الذوبان في الماء.
ومن هنا حصل الربط بينهما ، لأن وجودهما في سائل الدم ، أي الوسيط الناقل ،
يتطلب وضعهما في « مغلفات ناقلة ». وما يصنع بالدرجة الرئيسة هذه «ا لمغلفات الناقلة » هو الكبد.
وهي ناقلات مكونة من البروتينات والدهون lipoproteins . وثمة في الدم أنواع عدة منها ،
مثل البروتين الدهني الخفيف (LDL) ، الذي يُسمى اختصاراً بالكولسترول الخفيف الضار.
وهو ما يحمل كميات الكولسترول من الكبد كي تترسب في جدران الشرايين.
وهناك البروتين الدهني الثقيل (HDL)، الذي يُسمى اختصاراً بالكولسترول الثقيل الحميد .
وهو ما يحمل الكولسترول من الشرايين ليُعيده إلى الكبد. وهناك أيضاً البروتين الدهني الخفيف جداً (VLDL) ،
وهو ما يحمل الدهون الثلاثية . وثمة أنواع أخرى لا مجال لعرضها .
ووفق ما نصت عليه لجنة الخبراء في تقريرها الثالث في البرنامج القومي الأميركي للتثقيف بالكولسترول ،
فإن الطبيعي أن تكون نسبة الدهون الثلاثية في الدم أقل من 150 ملغم لكل ديسيلتر من الدم .
وما بين 150 و199 ملغم/ ديسيلتر هو ارتفاع على الحافة Borderline high .
وما بين 200 و500 ملغم/ ديسيلتر هو ارتفاع ، وما فوق 500 ملغم/ ديسيلتر ارتفاع شديد.
ويُجرى التحليل بأخذ عينة من دم الوريد ، بعد إتمام المرء صيام 12 ساعة عن الأكل أو الشرب ، ما عدا الماء.
وهناك طريقة منزلية لإجراء تحليل الدهون الثلاثية ، بأخذ قطرة من دم الأصبع .
إلا أنه لا يُوجد رأي واضح لرابطة القلب الأميركية حول مدى الاعتماد على ذلك في متابعة حالات ارتفاعه .
استراتيجيات معالجة ارتفاع الدهون الثلاثية ؛؛
هناك أربعة جوانب لمعالجة ارتفاع الدهون الثلاثية، وللوقاية من ارتفاعها وهي: --
ـ المعالجة الطبية السليمة للحالة المرضية أو السلوكية التي تسببت بارتفاع الدهون الثلاثية. ـ
العودة إلى تناول الوجبات الصحية بالكميات والمحتوى المناسب لحالة الإنسان .
وهو ما يُسمى مجازاً اتباع الحمية الغذائية .
ـ ممارسة الرياضة البدنية ، بانتظام في التكرار والقدر .
ـ استخدام أدوية لخفض الدهون عند وصفها من قبل الطبيب . وهناك أسباب مرضية أو سلوكية ،
تُؤدي إلى التسبب بارتفاع الدهون الثلاثية . وهنا يعتبر النجاح في السيطرة عليها ،
أول خطوة في تحقيق ضبط لهذا الارتفاع. وتحديداً ، العمل على خفض ارتفاع نسبة سكر الغلوكوز في الدم ؛
لدى مرض السكري أو مرضى اضطراب نسبة سكر الدم .
وتعويض الجسم لهرمون الغدة الدرقية لدى مرضى كسل الغدة الدرقية . والعمل على تخفيف الوزن ،
والامتناع عن تناول الكحول ، خاصة في حال وجود ارتفاع في الدهون الثلاثية مع زيادة تراكم الشحوم في الكبد.
وتخفيف تأثيرات فشل الكلى أو الكبد على الجسم .
ولو كان ارتفاع الدهون الثلاثية أحد التأثيرات الجانبية لتناول بعض الأدوية ، فمن الأفضل بحث الطبيب عن بدائل لها.
وممارسة الرياضة البدنية، من نوع تمارين الإيروبيك الهوائية قد تكون هي الحل .
وهذه التمارين المُمارسة يومياً تعمل زيادة استهلاك الدهون الثلاثية ، وبالتالي تخفيف ارتفاعها.
والأهم أنها أيضاً ترفع من معدل نسبة الكولسترول الثقيل الحميد .
ومعلوم أن ضرر ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية أكبر عند انخفاض نسبة الكولسترول الثقيل .
وتحت الإشراف الطبي ، وبالإضافة إلى اتباع الإستراتيجيات العلاجية الأخرى ،
يكون اللجوء إما إلى تناول أدوية خفض الكولسترول الضار من فئة ستاتين statins،
مثل ليبيتور أو زوكور أو ليبوستات أو غيرها ، أو اللجوء إلى إضافة أدوية فئة فايبريت fibrates،
مثل لوبيد، أو من فئة أحماض النيكوتين nicotinic acids ، مثل نياسين ،
أو اللجوء إلى تناولهما معاً، مع ملاحظة احتمال حصول الآثار الجانبية على الكبد والعضلات .
الحمية الغذائية لخفض الدهون الثلاثية ؛؛؛
باعتبار أن الدهون الثلاثية هي من أنواع الشحوم والزيوت ، فإن الكثيرين يعتقدون أن مصدر ارتفاع نسبة الدهون ؛
الثلاثية في الدم هو كثرة تناول الشحوم أو الزيوت .
وعليه يعتقد أولئك أن خفض تناولهم للشحوم والزيوت هو الأفضل في سبيل خفض نسبة الدهون الثلاثية في الدم لديهم .
لكن هذا ليس صحيحاً ، بل ما تشير إليه المصادر الطبية المعنية بصحة القلب هو أن المصدر الغذائي الرئيسي ؛
والأهم في التسبب بارتفاع الدهون الثلاثية في الدم هو كثرة تناول الكربوهيدرات، أي السكريات .
وعليه فإن الخطوة الغذائية الأهم في التعامل مع الدهون الثلاثية هو وجبات منخفضة المحتوى من النشويات والسكريات ،
وذات كمية سعرات حرارية (كالوري) أقل من المعتاد. وتحديداً تقليل تناول السكر العادي ،
لأن تناوله يرفع بشكل سريع نسبة سكر الدم ، وبالتالي يرتفع بشكل مفاجئ إنتاج البنكرياس للأنسولين .
وكل من ارتفاع نسبة سكر الدم وارتفاع الأنسولين في الدم، يُسهمان في ارتفاع تكوين الدهون الثلاثية .
وضرورة انتقاء تناول دهون صحية ، أي من الزيوت النباتية غير المشبعة ، وخاصة كما يُشير الباحثون من مايو كلينك ،
الابتعاد عن تناول الشحوم الحيوانية في اللحوم الحمراء ، والحرص على تناول تلك الأنواع الأحادية ،
كما في زيت الزيتون أو زبدة الفول السوداني أو زيت كانولا.
هذا بالإضافة إلى الاهتمام بتناول زيوت أوميغا -3 ، كما في زيوت الأنواع الدهنية من الأسماك ،
كالسردين والسلمون والماكريل . وتلخص الرابطة الأميركية للقلب نصائحها الخاصة ؛
بالعمل على تخفيف حدة ارتفاع الدهون الثلاثية في العناصر التالية : --
ـ لو كان وزن جسمك أكثر من الطبيعي ، قلل كمية طاقة الكالوري ( السعرات )
في وجبات غذائك اليومية ، لتصل إلى وزن طبيعي .
وهو ما يشمل الكمية المتناولة من الدهون والكربوهيدرات والبروتينات .
ـ قلل تناول الدهون المشبعة في الشحوم الحيوانية ، وتناول الكولسترول . وتوقف عن تناول الدهون المتحولة .
ـ لاحظ أنه حتى تناول كميات قليلة من الكحول يسبب ارتفاعا كبيرا في نسبة الدهون الثلاثية في الدم .
ودور الكحول في رفع الدهون الثلاثية بالدم لا علاقة له بمقدار كمية الكحول المتناولة .
ـ مارس الرياضة البدنية، لمدة نصف ساعة في غالبية أيام الأسبوع.
ـ توجه إلى تناول لحوم الأسماك ، المحتوية على أوميغا -3 ، والزيوت النباتية الأحادية، مثل زيت الزيتون .
وتجنب تناول اللحوم الحمراء المحتوية على الدهون المشبعة .
منقول للفائدة
عـــــــــــــــــذ و و بـــــــــــه
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~